محرقة فلسطينية في غزة

بقلم: عبدالرقيب احمد قاسم عكارس
2014-08-07 12:58:36

Pinterest
Telegram
Linkedin
WhatsApp

 

أطلب من صحيفة "غرانما" مجدداً عدم استخدام مساحة صفحتها الأولى لنشر هذه السطور، الوجيزة نسبياً، عن المحرقة الجاري ارتكابها بحق الفلسطينيين.
أكتبها بسرعة، للتعبير فقط عمّا يحتاج لتمعّن عميق.
أظن أن شكلاً جديداً ومثيراً للاشمئزاز من أشكال الفاشية ينشأ اليوم بقوة بارزة في هذه اللحظة من تاريخ البشرية، حيث يكافح أكثر من سبعة مليار نسمة من أجل البقاء.
ليس لأي من هذه الظروف وجه شبه بقيام الإمبراطورية الرومانية قبل ألفين و400 سنة من اليوم، أو الإمبراطورية الأمريكية في هذه المنطقة من العالم، والتي قال عنها سيمون بوليفار قبل أقل من 200 سنة: "... يبدو أن العناية الإلهية قد كتبت للولايات المتحدة أن تعيث بالقارة الأمريكية بؤساً باسم ’الحرية‘".
إنكلترا هي أول قوة استعمارية فعلية تستخدم مناطق نفوذها في جزء كبير من أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا وأستراليا وأمريكا الشمالية وجزر كثيرة من بحر الأنتيل خلال النصف الأول من القرن العشرين.
لن أتناول هذه المرة الحروب والجرائم التي اقترفتها إمبراطورية الولايات المتحدة على مدار أكثر من مائة سنة، وإنما الكشف عمّا أرادت فعله مع كوبا، وما فعلته ببلدان أخرى من العالم، والذي لم ينفع إلا من أجل الإثبات بأن "فكرةً عادلة في قعر مغارة هي أقدر بكثير من جيش بأكمله".
التاريخ هو أكثر تعقيداً بكثير مما أسلفت بذكره، ولكنه هكذا، بالخطوط العريضة، كما عرفه سكان فلسطين، ومن المنطقي أيضاً أن تنعكس في وسائل الاتصال المعاصرة الأنباء التي تصل يومياً، وهذا ما حدث مع الحرب المشينة والإجرامية في قطاع غزة، وهي قطعة من الأرض يعيش فيها سكان ما تبقّى من فلسطين المستقلة، قبل نحو نصف قرن من اليوم أو أقل.
"وكالة الصحافة الفرنسية" أفادت في الثاني من أغسطس: "الحرب بين ’حركة المقاومة الإسلامية‘ (حماس) وإسرائيل أسفرت عن مقتل نحو 1800 فلسطيني [...] وتدمير آلاف المنازل وكذلك الاقتصاد، الواهي أصلاً"، مع أنها لم تذكر طبعاً من الذي بدأ هذه الحرب المريعة.
أضافت لاحقاً: "... عند منتصف نهار يوم السبت كان الهجوم الإسرائيلي قد تسبب بمقتل ألف و712 فلسطيني وجرح 8 آلاف و900 آخرين. استطاعت الأمم المتحدة التعرف على هوية ألف و117 من القتلى، معظمهم من المدنيين. [...] و’اليونيسيف‘ أحصت ما لا يقل عن 296 طفلاً بين القتلى".
"الأمم المتحدة قدّرت [...] أن هناك 58 ألفاً و900 شخص بلا مأوى في قطاع غزة".
"من بين 32 مستشفى، أغلقت عشرة أبوابها بينما تعرض أحد عشر آخر لأضرار".
"هذا التجمع الفلسطيني، البالغة مساحته 362 كيلومتراً مربعاً، لا يتمتع بالبنى التحتية اللازمة لسكانه المليون و800 ألف نسمة، لا سيّما من ناحية التزويد بالكهرباء والماء".
"حسب ’صندوق النقد الدولي‘، تتجاوز نسبة البطالة 40 بالمائة في قطاع غزة، الخاضع منذ 2006 لحصار إسرائيلي. في عام 2000، كانت نسبة البطالة تصل إلى 20 بالمائة، وفي عام 2011 وصلت إلى 30 بالمائة. أكثر من 70 بالمائة من سكانها يعتمدون على المساعدة الإنسانية في الأوقات العادية".
الحكومة الإسرائيلية أعلنت هدنة إنسانية في غزة اعتباراً من الساعة السابعة بالتوقيت العالمي هذا الاثنين، ولكنها انتهكت هذه الهدنة بعد ساعات قليلة بقصفها لمنزل قُتل أو جُرح فيه ثلاثون شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، بمن فيهم صغيرة في الثامنة من العمر قضت في القصف.
فجر اليوم نفسه قُتل عشرة فلسطينيون بسبب الهجمات الإسرائيلية على كل أنحاء غزة، وقد وصل إلى نحو ألفين عدد الفلسطينيين المغدورين. بلغت المجزرة مبلغ أن "وزير الخارجية الفرنسي، لورين فابيوس، أعلن أن حق إسرائيل بالأمن لا يبرّر ‘المجزرة بحق المدنيين‘ الجاري ارتكابها".
إبادة النازيين اليهود استحوذت على حقد كل شعوب الأرض، فلماذا تظن حكومة هذا البلد بأن العالم سيسكت عن هذه الإبادة المريعة التي يجري ارتكابها اليوم بحق الشعب الفلسطيني؟ هل يتوقّع منه جهل مدى تآمر الإمبراطورية الأمريكية في ارتكاب هذه المجزرة المشينة؟
يعيش الجنس البشري مرحلة غير مسبوقة في تاريخه. يمكن لأي صدام بين طائرات عسكرية أو قطع بحرية حربية تراقب بعضها بشدة أو ما شابه من هذه الأحداث أن يشعل حرباً تستخدَم فيها أسلحة حديثة فتّاكة من شأنها أن تتحول إلى آخر مغامرة في عمر الإنسان.
هناك وقائع تثبت عجز الولايات المتحدة شبه الكلّي عن مواجهة مشكلات العالم الراهنة. يمكن القول أن لا حكومة في هذا البلد، ولا كذلك مجلس الشيوخ ولا الكونغرس؛ السي آي إيه أو البنتاغون هما من سيحددان لحظة الصفر. إنه لمن المحزن فعلاً أن يحدث ذلك في لحظة نجد فيه المخاطر أكبر، ولكنها أكبر أيضاً إمكانيات التقدم إلى الأمام.
عندما وقعت حرب الوطن الأم، دافع المواطنون الروس عن بلدهم كأبناء إسبارطة؛ الاستخفاف بقدرتهم هو أفظع خطأ ارتكبته الولايات المتحدة وأوروبا. حلفاؤهم الأقربون، الصينيون، الذين –وعلى غرار الروس- حققوا نصرهم انطلاقاً من نفس المبادئ، يشكلون اليوم القوة الاقتصادية الأكثر ديناميكية على وجه الأرض. البلدان تريد "جوانات" وليس دولارات من أجل اقتناء البضائع والتكنولوجيات وزيادة تجارتها.
قوى جديدة وضرورة قد نشأت. البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، التي تشكل علاقاتها مع أمريكا اللاتينية ومعظم بلدان البحر الكاريبي وأفريقيا المناضلة من أجل التنمية القوة الجاهزة في عصرنا هذا للتعاون مع باقي بلدان العالم، بدون استثناء الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.
تحميل روسيا مسؤولية سقوط الطائرة الماليزية هو تبسيط مفرط ومهلك. فلا فلاديمير بوتين، ولا وزير خارجيته، سيرغيه لافروف، ولا باقي المسؤولين في الحكومة الروسية من شأنهم ارتكاب مثل هذه الحماقة.
ستة وعشرون مليوناً من الروس قضوا في الدفاع عن وطنهم في وجه النازية. المقاتلون الصينيون، رجالاً ونساء، أبناء شعب ذي ثقافة عريقة، هم أشخاص ذوو ذكاء متميّز وروح كفاحية لا تُقهر، وشي جينبينغ هو أحد القادة الثوريين الأشد صلابة وأعلاهم قدرة بين الذين عرفتهم في حياتي.


فيدل كاسترو روز



التعليق


أترك تعليقا
الجميع مطلوبة
لم يتم نشره
captcha challenge
up