الخطاب الذي القاه وزير العلاقات الخارجية الكوبي، برونو رودريغير، في الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان ضرورة رفع الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا.

بقلم: عبدالرقيب احمد قاسم عكارس
2019-11-07 17:15:54

Pinterest
Telegram
Linkedin
WhatsApp

الخطاب الذي القاه وزير العلاقات الخارجية الكوبي، برونو رودريغير، في الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان ضرورة رفع الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا.

 نيويورك، 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019

سيدي الرئيس؛

أصحاب السعادة، السيدات والسادة المندوبين الدائمين؛

حضرات السيدات والسادة المندوبين؛

في الأشهر الأخيرة، باشرت حكومة الرئيس ترامب بتصعيد عدوانها على كوبا، عبر تطبيق إجراءات غير تقليدية لمنع تزويد بلدنا بالوَقود من أسواق مختلفة، وذلك من خلال فرض عقوبات على البواخر وشركات التأمين وغيرها. بالإضافة ضرب الاقتصاد، هدف هذه الإجراءات إلحاق الأذى بمستوى حياة العائلات الكوبية.

في شهر نيسان/أبريل من هذه السنة، تم السماح برفع دعاوى قضائية في المحاكم الأمريكية ضد هيئات كوبية وأمريكية ومن بلدان أخرى، وذلك استناداً إلى الباب الثالث من "قانون هيلمز-بيرتون".

تم تشديد ملاحقة علاقاتنا المصرفية-الماليّة مع بقية العالم.

وُضعت قيود على إرسال الحوالات المالية إلى مواطنين كوبيين، وجرى تقليص عدد التأشيرات الممنوحة، وخفض الخدمات القنصليَّة، وإلغاء اتفاق كان مبرماً بين اتحادي كرة القاعدة (البيسبول) في البلدين، وألغيت الزيارات الفردية للمواطنين الأمريكيين، ومُنعت البواخر السياحية من زيارة كوبا، وألغيت الرحلات الجوية المباشرة إلى المطارات الكوبية، باستثناء مطار هافانا، وحُظر تأجير طائرات تحتوي على أكثر من 10 بالمائة من مكوّناتها من صنع الولايات المتحدة وشراء تكنولوجيّات ومعدّات بهذا التصنيف، وتوقفت نشاطات الترويج التجاري والتبادل الثقافي والرياضي.

لقد شدّدت حكومة الولايات المتحدة بصورة عدوانية تطبيق سياسة حصارها على كوبا خارج حدودها تجاه دول أخرى وشركاتها ومواطنيها.

لا تُخفي غايتها المتمثلة في خنق كوبا اقتصاديّاً وزيادة الأضرار والفاقة والمعاناة عند شعبنا.

ووضعت حكومة الولايات المتحدة نصب عينيها أيضاً التخريب على التعاون الدولي الذي توفّره كوبا في مجال الصحة. فمن خلال حملة من الافتراءات، يهاجم سياسيّون ومسؤولون أمريكيون بشكل مباشر برنامجاً يستند إلى أرقى مفاهيم التعاون جنوب-جنوب، وهو برنامج يحظى أيضاً بتقدير المجتمع الدولي.

سيدي الرئيس:

يُنزل الحصار أضراراً إنسانية لا يمكن تقديرها، ويشكل انتهاكاً صارخاً وواسعاً ومنتظماً لحقوق الإنسان ويُصنَّف كعمل إبادة وفقاً للشقين ب) وج) من المادة الثانية من "معاهدة منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها" الموقعة في عام 1948. لا يوجد عائلة كوبية واحدة إلا وتعاني عواقبه.

طفلٌ كوبي يعاني قصوراً قلبياً حاداً لا يستطيع التمتع بأكثر أنظمة إسناد الدورة الدمويّة عند الأطفال تطوراً لأنه من صنع الولايات المتحدة، ومع أنه تم التقدم بطلب شرائه مرات عديدة، لم ترد أي إجابة من الشركات الأمريكية التي تقوم بتسويقه.

بسبب المحظورات التي يفرضها الحصار، لا يستطيع شخصٌ يعاني فشلاً قلبياً حاداً أن يتمتع بجهاز إسناد بُطيني، والذي يسمح بإطالة عمر المريض في حالة حرجة إلى أن تتاح فرصة إجراء عملية زرع قلب، أو إلى حين تعافي الوظيفة الوعائية-القلبيّة، في حالات أخرى.

بسبب الحصار، لا يتمتع برايان غوميز سانتيستيبان (16 سنة) ولييديس بوسادا كانيزاريس (19 سنة)، وهما في مرحلة النموّ، بأطراف اصطناعية باطنيّة قابلة للانبِساط، وإنما ثابتَة، ولهذا فإنهما مضطران للخضوع لعمليات جراحية متكررة لاستبدال هذه الأطراف. الأطراف القابلة للانبساط تنتجها شركة "Stryker" الأمريكية

الحصار يجعل من المستحيل أيضاً الحصول على أدوية جديدة لعلاج السرطان، وهي أدوية لا تنتجها إلا شركات صيدليّة أمريكية.

مايرا لازوس روكي (57 سنة) هي مريضة مصابة بداء السرطان في الكلية لم تتمكّن من التداوي بالعَقّار الأمثل لهذا المرض، وهو عقّار "Sunitinib"، الذي لا تنتجه إلا شركة "Pfizer" الأمريكية. غير أنه وبفضل العلاج الذي تلقته بمنتجات منشأها الصناعة البيوتكنولوجيّة الكوبية، تنعم بوضع صحي عام جيّد.

إدواردو هيرنانديز هيرنانديز (49 سنة)، مُصاب بورمٍ مِلانيّ انتقاليّ. العلاج الأمثل لهذا النوع من السرطان هو Nivolumab""، وهو عقّار فريد من نوعه تنتجه شركة "Bristol Myers Squibb" الأمريكية، والذي لم نتمكّن من الحصُول عليه، ولهذا فإنها تجري معالجته بأدوية بديلة.

عاماً بعد عام، يعبّر وفد الولايات المتحدة في هذا المقر، وبجرعات كبيرة من الوقاحة، بأن حكومته تقف إلى جانب الشعب الكوبي. هل يمكن لأحد أن يصدّق مثل هذا التأكيد؟

تكذب حكومة الولايات المتحدة وتزوِّر البيانات عن إجازاتها المزعومة لعمليات بيع أدوية ومواد غذائيّة لكوبا، وهي عمليات يصعب جداً أن تصل إلى حيز التطبيق.

من واجب وفد الولايات المتحدة أن يشرح في هذه الجمعيّة الشروط المفروضة على المشتريات الكوبية: ممنوع عليها الحصول على اعتمادات، لا من القطاع العام ولا من القطاع الخاص، وإنما عليها أن تسدّد نقداً عندما تصل البضاعة إلى المرفأ. تجري ملاحقة المصارف التي تدير عملياتنا الماليّة. لا يُمكن استخدام بواخر كوبية. مَن يتاجر في العالم في ظل هذه الشروط؟

النموذج الاجتماعي الكوبي الناجح والفاعل أمّن ويؤمّن للكوبيات والكوبيين المساواة في الفرص والتساوي والعدالة الاجتماعيّة، بالرغم من العداء والمضايقة.

سيدي الرئيس:

ليس لدى حكومة الولايات المتحدة الحدّ الأدنى من السلطة الأخلاقية التي تسمح لها بانتقاد كوبا أو أي أحد كان في مجال حقوق الإنسان. ندين استخدامها المتكرر لهذه الحقوق لغايات سياسيّة وازدواجيّة المعايير التي تتّسم بها.

الولايات المتحدة هي بلد يجري فيه انتهاك حقوق الإنسان بصورة منتظمة، وفي أحيان كثيرة صارخة.

يستحق الإدانة مقتل مدنيين على يد قواتها في أرجاء مختلفة واستخدام التعذيب؛ وقتل الأفرو-أمريكيين على يد رجال الشرطة والمهاجرين على يد الدوريّات الحدوديّة؛ ومقتل الصغار بدون مرافقين في مراكز اعتقال المهاجرين؛ والاستخدام المتمادي والمتباين عرقياً لعقوبة الإعدام، التي تطبَّق على قاصرين ومعوَّقين عقليّاً.

إفلات لوبي الأسلحة من العقاب هو المسؤول عن ارتفاع نسبة أعمال القتل، التي يرتكبها حتى قاصرون. خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2019 سُجل نحو 250 هجوم بأسلحة ناريّة، بلغ عدد ضحاياها حوالي الألف، ربعهم تقريباً بالأرواح. وفي عام 2018، قُتل مائة امريكي وأصيب 274 بجروح بأسلحة ناريَّة.

يوجد في الولايات المتحدة مليونان و300 ألف شخص في السجون، ما يعادل ربع السجناء على وجه الأرض، ويتم في السنة الواحدة اعتقال عشرة ملايين و500 ألف شخص.

بسبب جرعات زائدة من المخدّرات، يموت يوميّاً 137 أمريكي، ونتيجة انعدام العلاج المناسب يقضي 251 بسبب أمراض قلبية، و231 في موعد مبكّر بسبب إصابتهم بالسرطان. يتم القيام بـِ 170 عملية بتر يومياً يمكن تفاديها، لها علاقة بداء السُّكَّري.

بغيضة ومقيتة هي أعمال القمع والمراقبة البوليسية للمهاجرين، وفصل العائلات وفصل الآباء واعتقال أكثر من ألفين و500 طفل إلى أجل غير مسمّى وإبعاد 21 ألفاً من هؤلاء والإجراءات الهمجيّة التي تهدّد أبناء المهاجرين غير الشرعيين الذين ترعرعوا وتعلّموا في الولايات المتحدة.

تُبقي الحكومة على سُجناء بدون محاكمة قضائية إلى أجل غير مسمّى، بلا دفاع ولا محاكم ولا الإجراءات المرعية، في معتقل قاعدة غوانتانامو البحرية التي تغتصب أراضيها من بلدنا.

في البلد الأغنى، يعيش 40 مليون أمريكي في ظروف فقر، بينهم 18,5 مليون فقر شديد. 25,7 بالمائة من الأشخاص المعوّقين كانوا يعيشون في حالة فقر في نهاية العام الماضي. أكثر من نصف مليون من مواطنيه ينامون في الشوارع.

في نهاية عام 2018 كان في الولايات المتحدة 6,6 مليون عاطل.

يفتقد 28,5 مليون مواطن للتأمين الطبي، ومع الإجراءات المُعلنة سيتم حجبه عن ملايين الأشخاص الأخرين من ذوي المداخيل المتدنية.

التعليم ذو الجودة ليس بمتناول الأغلبية. نصف البالغين لا يستطيعون قراءة كتاب موجَّه لتلاميذ الصف الثامن. المساواة في الفرص في الولايات المتحدة هي معجزة. الفتية والشبّان يحتجّون وبحق لأن حكومتهم تحرمهم من الحقوق البيئية.

تتقاضى النساء في الولايات المتحدة من الأجر ما نسبته 85 بالمائة مما يتقاضاه الرجل، وعليهنّ أن يعملن 39 يوماً إضافياً في السنة لكي يتساوين مع الرجل في المداخيل. وتنتشر الشكاوى من المضايقة الجنسية في هذا المجتمع.

متوسط ثراء العائلات البيضاء يبلغ سبعة أضعاف متوسطه لدى العائلات الأفرو-أمريكية. نسبة الوفيات بين الأطفال دون السنة الأولى من العمر والأمهات خلال الوضع تبلغ ضعف ما هي عليه عند أصحاب البشرة البيضاء.

يوجد معيار عرقي متباين بين السجناء الأمريكيين وفي مدة العقوبة بالسجن.

يخيّم الفساد على النظام السياسي وعلى النموذج الانتخابي، وهناك مسافة فاصلة تزداد اتساعاً بين القرارات الحكوميّة وإرادة الشعب. أقليّات مسيطرة وحصريّة، على الأخص منها مجموعات الشركات، تقرّر طبيعة وبنية الحكومة والكونغرس ومؤسسات الفصل القضائي وتطبيق القانون.

تشارك الولايات المتحدة في 30 بالمائة فقط من الأدوات الدولية لحقوق الإنسان، وهي لا تعترف بهذه الصفة للحق بالحياة، بالسلام، بالتنمية، بالأمن، بالغذاء، ولا بحقوق الأطفال ذكوراً وإناثاً.

الحصار ينتهك أيضاً الحقوق الإنسانية والحريات المدنية للمواطنين الأمريكيين، حيث يقيّد، بصورة ظالمة وتعسفية، حريّتهم بالسفر إلى كوبا، وهي الوُجهة الوحيدة المحظورة عليهم في العالم.

سيدي الرئيس:

في السنة الأخيرة، فرض "مكتب الإشراف على الأصول الأجنبية" التابع لوزارة المالية وغيره من الهيئات الأمريكية غرامات مالية على مجموعات مالية من بلدان أخرى، كشركة "Unicredit Group" الإيطالية و "Société Générale S.A" الفرنسية، لانتهاكها نظام العقوبات المفروض على كوبا. عشرات البنوك الأجنبية جرى إفزاعها، فقلّصت علاقاتها المالية مع بلدنا أو قطعتها.

أشخاص اعتباريّون طبيعيّون يذهبون أيضاً ضحية الحصار. مواطنة ألمانيّة تقدم خدماتها في سفارة كوبا لدى برلين، تلقّت إبلاغاً بإغلاق حسابها في "Amazon" بحجة نظُم الحصار

إن "قانون هيلمز-بيرتون" اللاشرعي هو مرشد السلوك العدواني للولايات المتحدة تجاه كوبا. يتمثل جوهره في انتهاك حق الأمة الكوبية بحرية تقرير المصير والاستقلال. يفرض أيضاً السلطة التشريعيّة الأمريكية على علاقات أي بلد التجارية والمالية مع كوبا ويكرّس الطغيان المزعوم للقانون والإرادة السياسيّة لحكومة الولايات المتحدة على بلدان أخرى. الحصار إجمالاً هو انتهاك خطير للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ومبادئ "إعلان أمريكا اللاتينية والكاريبي منطقة سلام".

لا يمتثل الجميع للتطبيق خارج الحدود غير المشروع للقيود التي يفرضها القانون الأمريكي. ففي شهر يونيو 2019، أصدر قاضٍ من الدرجة الأولى في محكمة لاهاي حُكماً لصالح شركة "PAM Internacional"، ومقرّها كورازو، في دعواها القضائية على شركة "EXACT Software Delft" الهولندية، التي أصبحت اليوم فرعاً من شركة "KKR" الأمريكية بسبب تطبيقها لقوانين الحصار الأمريكي على كوبا، مما أجبرها على مواصلَة تقديم خدماتها لشركة "PAM Internacional" لتزويد شركات وهيئات كوبية ببرامج سوفتوير

أمثلة كهذه تكشف بأنه توجد قوانين ترياقية وهيئات في منظمة التجارة العالمية ووسائل وسبل لمواجهة تطبيق حصار الولايات المتحدة على كوبا خارج حدود البلد الذي يعتمده.

سيدي الرئيس:

الأضرار المتراكمة التي تسبب بها الحصار على مدار نحو ستة عقود من تطبيقه تصل قيمتها إلى 922 ملياراً و630 مليون دولار، مع الأخذ بعين الاعتبار تراجع قيمة الدولار مقابل سعر الذهب في السوق العالمية. وبالأسعار الجارية، أنزلت هذه السياسة خسائر ماديّة تقدَّر قيمتها بأكثر من 138 ملياراً و843,4 مليون دولار.

على مرّ السنين، شكَّل الحصار عقبة أساسيّة أمام تحقيق الآمال بالرفاهية والازدهار عند عدة أجيال من الكوبيين والكوبيات، وما زال يشكّل عثرة رئيسية في طريق التنمية الاقتصادية للبلاد. إنه يمثل كابحاً لتطبيق "الخطة الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية" و"الأجندة 2030 وأهدافها للتنمية المستدامَة" على حدّ سواء.

آثار الحصار، لا سيّما إجراءات منع السفر، تصل وبشدة خاصة إلى القطاع غير الحكومي من الاقتصاد.

بواسطة المداخيل التي حُرمت البلاد من تلقيها كبدل صادرات من السلع والخدمات، والتكاليف المتصلة بإعادة توجيه التجارة جغرافياً، والتي تجبرنا على التمتع بكميات عالية جداً من الموجودات، كان بإمكان إجمالي الناتج المحلي لكوبا أن يسجل نمواً بالأسعار الجارية خلال السنوات العشر الأخيرة، نسبته 10 بالمائة كمعدّلٍ سنوي.

حجم الأضرار السنويّة الناجمة عن الحصار يتجاوز بشكل كبير مستوى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر اللازم للتنمية القومية.

على مدار نحو ستة عقود، ذهبت كوبا وما تزال ضحية أشدّ نظام العقوبات ظلماً وقسوة يتم فرضه على أي بلد كان وأطوله مدة زمنيّة.

بالرغم من كل الصعوبات والقيود التي يعيشها شعبنا، تمكّنت كوبا من مواجهة المقاصد المُعلنة للحصار الاقتصادي وآثاره الساحقة على مدار ستة عقود وعلى تأثيرها الأكيد على مقدّرات البلاد.

إنها فعّالية النظام الاشتراكي الكوبي والدولة والحسّ الوطني والقناعات الثورية والتضامن والتوافق ووحدة صف شعبنا ما سمح لكوبا، وبالرغم من القيود، بالتغلُّب على التحديات الخطيرة المفروضة.

يجدر التساؤل إن كان حتى بعض البلدان الصناعية والمتقدّمة تكنولوجياً تستطيع أن تتحمَّل هجمة تبلغ كل هذه المدة وبكل هذه القدرة على التدمير، وتؤمن نمواً متواضعاً ولكنه متواصلاً لاقتصادها، وتحمي برامجها التنموية، وتتقدَّم نحو بناء اقتصاد خدمات ومعارف، وتضمن ممارسة كل الحقوق الإنسانية، بشروط المساواة بين كل مواطنيها، كما يحدث في كوبا.

سيدي الرئيس:

لقد أكدت هذه الجمعيات في مناسبات متكررة إدانتها لتطبيق إجراءات قسريّة من جانب واحد لكونها تتنافى مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

تطبّق الولايات المتحدة أنظمة إجراءات قسرية على أكثر من عشرين بلداً وإجراءات من جانب واحد محدَّدة على عشرات البلدان، وهو توجُّه يزداد شدة في ظل حكومتها الحاليّة.

كما قال القائد العام للثورة الكوبية، فيدل كاسترو روز، في الذكرى الخمسين للأمم المتحدة، من واجبنا أن نتطلّع إلى عالمٍ "خالٍ من الحصارات التي تقتل رجالاً ونساءً وأطفالاً وشباباً وشيوخاً كقنابل ذريَّة صامتة".

سيدي الرئيس:

تسعى حكومة الولايات المتحدة لممارسة هيمنتها الإمبريالية في "أمريكانا"، فتشهر مجدداً عقيدة مونروي القديمة والعدوانية و"دبلوماسيّة السفن الحربية". تعيد نشر أسطولها الرابع وتضاعف تواجدها وتعزز قوة قواعدها العسكرية في المنطقة.

تعريف سياسة الحصار تعبّر عنه بأمثل طريقة المذكّرة التي كتبها مساعد وزير الخارجية الأمريكي ليستير مالوري، وجاء فيها: "... لا يوجد معارضة سياسيّة فعّالة (...) السبيل الوحيد المتاح لإفقادها (أي الحكومة) الدعم الداخلي هو التسبب بالإحباط وثبت العزيمة من خلال الفاقة الاقتصادية والحاجة (...) لا بدّ من أن توضع حيّز التطبيق على وجه السرعة كل السبل المتاحة لإضعاف الحياة الاقتصادية (...) وذلك من خلال حجب المال والمؤن عن كوبا بهدف تقليص الرواتب الاسميّة والفعليّة، وصولاً إلى التسبب بالجوع واليأس والإطاحة بالحكومة".

يهين مندوب الولايات المتحدة هذه الجمعيّة باللهجة التدخليّة والمرفوضة التي يستخدمها للإشارة إلى الشعب الفنزويلي، وصخرة تلاحمه المدني-العسكري والحكومة البوليفاريّة والتشافيزية برئاسة الرئيس نيكولاس مادورو موروس، الذين نعبّر لهم عن تضامننا الثابت.

تستخدم حكومة الولايات المتحدة الأكاذيب والافتراءات كحجة لتصعيد عدوانها. أكرّرُ بأن لا التهديد ولا الابتزاز ستنتزع منّا أدنى تنازل سياسي. ولن نتخلّى كذلك عن إرادتنا في الوصول إلى علاقة حضاريّة معها، تقوم على أساس الاحترام المتبادل والاعتراف باختلافاتنا العميقة.

وكما أشار جنرال الجيش راؤول كاسترو في العاشر من نيسان/أبريل أمام الجمعية الوطنية للسلطة الشعبية: "بالرغم من قوتها الهائلة، ليس لدى الإمبريالية القدرة على هزم كرامة شعب موحَّد، فخور بتاريخه وبالحرية التي حققتها بفضل تضحياته الجسيمة".

تعترف كوبا بالهوّة الخلقية والسياسيَّة القائمة بين الحكومة والشعب الأمريكيين وستفعل ما بوسعها في سبيل تطوير العلاقات العميقة والواسعة التي تربطها بمواطنيها.

سيدي الرئيس:

حضرات المندوبين الدائمين الكرام

حضرات المندوبات والمندوبين الكرام

نقدّر بامتنان عميق كل الذين عبّروا عن إدانتهم للحصار المفروض على بلدنا والذين وقفوا إلى جانبنا دائماً في معركتنا التي لا تكل من أجل إنهاء هذه السياسة.

وكما أكد رئيس جمهورية كوبا، ميغيل دياز-كانيل بيرموديز، في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإننا نحن الكوبيون: "تنتظرنا أيام مفعمة بالأحداث والتحديات، لكن أحداً لن ينتزع منّا الثقة بالمستقبل الذي ندين به لأبنائنا في الوطن الذي أكسبنا إياه آباؤنا واقفين".

باسم شعب كوبا البطل والمتفاني والتضامني، أطلب منكم مجدداً التصويت لصالح مشروع القرار المدرج في الوثيقة أ/74/ل.6 "ضرورة رفع الحصار الاقتصادي والتجاري والمالي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا".

 

شكراً جزيلاً

 



التعليق


أترك تعليقا
الجميع مطلوبة
لم يتم نشره
captcha challenge
up