القضية الصحراوية لا تزال حالة استعمار وفقا للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي

بقلم: عبدالرقيب احمد قاسم عكارس
2018-09-11 10:59:57

Pinterest
Telegram
Linkedin
WhatsApp

عكست الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي إلى جمهورية كوبا طبيعة العلاقات القوية بين البلدين والدعم الذي تحظى به القضية الصحراوية على المستوى الدولي.

وكان الرئيس الصحراوي قد صرح خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى هافانا، أن النزاع الصحراوي-المغربي في الفترة الأخيرة تميز بالتصعيد والاستفزاز من قبل المغرب وخاصة عبر خرق وقف إطلاق النار في منطقة الكركارات ومن خلال الإمعان في انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة والمحاكمات الصورية في ظل الحصار والانتشار المكثف لمختلف القوات المغربية بزي مدني وعسكري ومواصلة نهبها للثروات الطبيعية الصحراوية.

وعقب لقاء الرئيس إبراهيم غالي مع الرئيس الكوبي السابق راؤول كاسترو، أكد الأخير الموقف المبدئي لبلاده إلى جانب تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير مطالبا بالإسراع في تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وما زالت قضية الصحراء الغربية بالنسبة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حالة استعمار يجب إخضاعها لعقيدة وممارسات الأمم المتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار، وهو ما يعني أن للشعب الصحراوي حقا غير قابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال ينبغي ممارسته من خلال استفتاء حر ونزيه وديمقراطي.

لقد سبق للمغرب نفسه أن اعترف بحق شعب الصحراء الغربية ليس فقط في تقرير المصير بل أيضا في الاستقلال قبل أن يشرع في غزوه واحتلاله للصحراء الغربية في 1975، كما قبل أيضا خطة التسوية التي وضعتها الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية على أساس خيار استقلال الصحراء الغربية.

إن احتلال المغرب الذي طال لأجزاء من الجمهورية الصحراوية لم يؤدي فقط إلى الانتهاك الدائم لمبدئين من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها المنظومة الدولية القائمة، وهما حق الشعوب في تقرير المصير وعدم جواز حيازة الأراضي بالقوة، ولكن أدى أيضا إلى تهديدات مستمرة ومتزايدة للسلم والأمن الإقليميين. لذلك ينبغي على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بأسره أن يتحملا مسؤولياتهما وأن يبعثا برسالة قوية إلى المغرب مفادها أن حق الشعوب غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال لا يمكن أن يكون رهينة إلى الأبد لتعنت دولة محتلة أخفقت مرارا في الوفاء بالتزاماتها الدولية.

وبصفته خليفة لمنظمة الوحدة الأفريقية التي كانت السباقة بعملية السلام في الصحراء الغربية، يظل الاتحاد الأفريقي شريكا كاملا للأمم المتحدة وضامنا لتنفيذ خطة التسوية التي وضعتها الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية، كما ينبغي الاعتراف بمساهماته في عملية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في أفريقيا، وتنفيذها، بما في ذلك دعوته إلى تحديد موعد لإجراء أستفتاء تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية.

لذلك، من المهم أن تحدد الجمعية العامة للأمم المتحدة موعدا لإجراء استفتاء تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية لأن أي تأخير في تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال لن يؤدي إلا إلى تعقيد الوضع ميدانيا وإلى زعزعة أستقرار الوضع المضطرب أصلا في المنطقة.

لقد ظلت قضية الصحراء الغربية معروضة على الأمم المتحدة منذ سنة 1963 بإعتبارها قضية تصفية استعمار منذ أن سجلت الصحراء الغربية ضمن الأقاليم غير المستقلة المعروضة على لجنة الأمم المتحدة لتصفية الاستعمار، حيث وفي ال 16 أكتوبر 1964 أصدرت هذه اللجنة لائحة دعت فيها أسبانيا البلد المسير(المستعمر) للصحراء الغربية " إلى اتخاذ الخطوات اللازمة دون إبطاء لتمكين إقليم الصحراء من الاستقلال الكامل وغير المشروط".

وفي السنوات اللاحقة ظلت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دوراتها السنوية توجه نداءات مماثلة للحكومة الأسبانية تحثها على تنفيذ التزاماتها بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره ونيل استقلاله من خلال استكمال عملية تصفية الاستعمار في المنطقة.

وقدمت لجنة تقصي الحقائق تقريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم ال15 أكتوبر 1975 وقد جاء فيه على الخصوص" في كل مكان وصلته البعثة كانت تقابل بالجماهير المؤيدة لجبهة البوليساريو التي تعتبر القوة السياسية الوحيدة الممثلة لشعب الصحراء الغربية الذي يريد الاستقلال ويرفض أي صورة من صور الضم".

وفي ال 22 أكتوبر1975م جرت جلسة طارئة لمجلس الأمن بطلب من أسبانيا لمناقشة المسألة الصحراوية على ضوء استعداد ملك المغرب إرسال ما عرف بـ"المسيرة الخضراء" قصد الشروع في احتلال الصحراء الغربية وفي ظرف عشرة أيام أصدر مجلس الأمن لائحته الثانية حول الصحراء الغربية التي يبدي فيها قلقه الشديد حول التطورات التي تعرفها المنطقة دون أن يتخذ خطوات فعلية في هذا الاتجاه وتأتي اللائحة الثالثة بعد تنفيذ المغرب لمسيرته لتستنكر رفض المغرب الإذعان للشرعية الدولية و تطلب وقف هذه المسيرة دون إبطاء كما تحض جميع الأطراف على تجنب جميع الأعمال التي قد تؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة.

وتقع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في شمال غرب أفريقيا، وتبلغ مساحتها 266.000 كيلومترا مربعا، يحدها المغرب من الشمال، والجزائر من الشمال الشرقي، وموريتانيا من الشرق والجنوب.

وتطل على المحيط الأطلسي بساحلٍ طوله 1200 كيلومتر، وقد تم إعلان الجمهورية الصحراوية الديمقراطية في 27 فبراير 1976، بعاصمتها المؤقتة، بير لحلو.

عاش الصحراويون كمجتمع مستقل في فترة ما قبل الاستعمار، وأوجدوا نظامهم الاجتماعي والسياسي الخاص بهم كما أوجدوا أشكال التعبير الثقافي التي شكلت، عبر القرون، تميزهم كشعبٍ مستقل ومتسامح ومحب للحرية والسلام.

 

 



التعليق


أترك تعليقا
الجميع مطلوبة
لم يتم نشره
captcha challenge
up